سورة النحل - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{أَتَى} أي جاء ودنا وقرب، {أَمْرُ اللَّهِ} قال ابن عرفة: تقول العرب: أتاك الأمر وهو متوقع بعد، أي: أتى أمر الله وعدا فلا تستعجلوه وقوعا.
{أَمْرُ اللَّهِ} قال الكلبي وغيره: المراد منه القيامة.
قال ابن عباس لما نزل قوله تعالى: {اقتربت الساعة} [القمر- 1] قال الكفار بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن، فلما لم ينزل شيء قالوا: ما نرى شيئا فنزل قوله: {اقترب للناس حسابهم} [الأنبياء- 1]، فأشفقوا، فلما امتدت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فأنزل الله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رءوسهم وظنوا أنها قد أتت حقيقة فنزلت: {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} فاطمأنوا.
والاستعجال: طلب الشيء قبل حينه.
ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه، وإن كادت لتسبقني».
قال ابن عباس: كان بعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ولما مر جبريل عليه السلام بأهل السموات مبعوثا إلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: الله أكبر قامت الساعة.
وقال قوم: المراد بالأمر هاهنا: عقوبة المكذبين والعذاب بالسيف وذلك أن النضر بن الحارث قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، فاستعجل العذاب، فنزلت هذه الآية. وقتل النضر يوم بدر صبرا.
{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} معناه تعاظم بالأوصاف الحميدة عما يصفه به المشركون.


{يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ} قرأ العامة بضم الياء وكسر الزاي، و{الْمَلائِكَةَ} نصب. وقرأ يعقوب بالتاء وفتحها وفتح الزاي و{الملائكة} رفع، {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ} بالوحي، سماه روحا لأنه يحيي به القلوب والحق.
قال عطاء: بالنبوة.
وقال قتادة: بالرحمة.
قال أبو عبيدة: {بالروح} يعني مع الروح، وهو جبريل. {مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا} أعلموا: {أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ}.
وقيل: معناه مروهم بقول لا إله إلا الله منذرين مخوفين بالقرآن إن لم يقولوا.
وقوله: {فاتقون} أي فخافون.


{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي: ارتفع عما يشركون. {خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ} جدل بالباطل، {مُبِينٌ}.
نزلت في أبي بن خلف الجمحي، وكان ينكر البعث جاء بعظم رميم فقال: أتقول إن الله تعالى يحيي هذا بعدما قد رم؟ كما قال جل ذكره {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} [يس- 77]، نزلت فيه أيضا.
والصحيح أن الآية عامة، وفيها بيان القدرة وكشف قبيح ما فعلوه، من جحد نعم الله مع ظهورها عليهم. قوله تعالى: {وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا} يعني الإبل والبقر والغنم، {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} يعني: من أوبارها وأشعارها وأصوافها ملابس ولحفا تستدفئون بها، {وَمَنَافِعُ} بالنسل والدر والركوب والحمل وغيرها، {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} يعني لحومها. {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ} زينة، {حِينَ تُرِيحُونَ} أي: حين تردونها بالعشي من مراعيها إلى مباركها التي تأوي إليها، {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} أي: تخرجونها بالغداة من مراحها إلى مسارحها، وقدم الرواح لأن المنافع تؤخذ منها بعد الرواح، ومالكها يكون أعجب بها إذا راحت. {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} أحمالكم، {إِلَى بَلَدٍ} آخر غير بلدكم. قال عكرمة: البلد مكة، {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأنْفُسِ} أي: بالمشقة والجهد. والشق: النصف أيضا أي: لم تكونوا بالغيه إلا بنقصان قوة النفس وذهاب نصفها.
وقرأ أبو جعفر {بِشَقِّ} بفتح الشين، وهما لغتان، مثل: رَطل ورِطل.
{إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} بخلقه حيث جعل لهم هذه المنافع.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8